تخطط طهران لبسط نفوذها بشكل اكبر واوسع على المشهد السياسي العراقي وعدم الاكتفاء بدعم كتل واحزاب سياسية ذات صبغة شيعية وانما الانتقال الى تأسيس تكتلات او احزاب سياسية جديدة تضم احزابا علمانية ومدنية تقدم لها المساندة المالية والسياسية من وراء الكواليس لتنفيذ الاستراتيجية الايرانية في العراق.


وكشفت مصادر سياسية مطلعة عن عقد احزاب عراقية ذات توجهات علمانية ومدنية سلسلة اجتماعات برعاية ايرانية غير مباشرة لتشكيل تجمع سياسي لخوض الانتخابات المحلية المقبلة والانتخابات العامة. وقالت المصادر في تصريح لـ«المستقبل« ان «العاصمة السورية دمشق شهدت مطلع الشهر الحالي اجتماعاً تمهيدياً ضم ممثلين عن حزب البعث العراقي (جناح محمد يونس الاحمد) الموالي لنظام بشار الاسد وممثلين عن حزب البعث السوري مع شخصيات سياسية شاركت بصفة شخصية بعضها ينتمي الى حزب الوفاق الوطني (بزعامة رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي) لبحث امكانية تأليف تكتل سياسي جديد لخوض الانتخابات المحلية العام المقبل بالاضافة الى الاستعداد للانتخابات العامة المقبلة في عام 2018».


واضافت المصادر ان «الاحزاب والشخصيات المشاركة في اجتماع دمشق ستعقد نهاية الشهر الحالي اجتماعاً اوسع في بيروت للاتفاق على شكل التكتل الجديد وآلية الانظمام اليه والاحزاب التي ستنتمي اليه«، موضحة ان «طهران تدعم عن طريق بعض الشخصيات المقربة منها تشكيل هذا التحالف بصبغة علمانية مدنية لكنه سيخدم بشكل او بأخر التوجهات الايرانية وحماية نفوذ طهران السياسي في العراق«.


وبينت المصادر ان «ايران تتحرك من وراء الكواليس لدعم تشكيلات سياسية بعضها ينتمي الى المكون العربي السني من اجل بسط نفوذها بشكل اوسع في المشهد السياسي وضمان تحكمها بالكتل السياسية والتأثير اكبر على صنع القرار العراقي وتطويق اي جهد يعارض المشروع الايراني في العراق او المنطقة»، لافتة الى ان «بعض الشخصيات السياسية تتحرك حاليا لتحويل جبهة الاصلاح النيابية المعارضة في البرلمان العراقي الى حزب سياسي يضم شخصيات وتنظيمات سياسية شيعية وسنية وحتى كردية من اجل خوض الانتخابات وتشكيل كتلة كبيرة لدعم توجهات رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي المدعوم من ايران لتولي السلطة مجددا«.


ويسعى نوري المالكي رئيس الوزراء السابق من خلال صنع التكتلات السياسية المدعومة من طهران الى العودة الى رئاسة الحكومة مجددا بعدما تحول العراق في عهده الذي دام 8 سنوات لدولة مسيرة وتابعة لمشروع النظام الايراني الذي كبل بغداد بقيود واغلال التبعية وخصوصا مع تبلور تشكيل ميليشيا الحشد الشعبي بعد دخول «داعش« العراق وتحوله من ميليشيات منفردة الى قوات مذهبية متنقلة في المنطقة رهن اشارة الجنرال قاسم سليماني قائد قوة القدس بالحرس الثوري الايراني وتحت تصرفه للقتال في سوريا او اي منطقة اخرى.


وفي هذا الصدد، اتهم النائب شاخوان عبدالله عن حزب الديموقراطي الكردستاني (بزعامة رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني) المالكي بالسعي «لإشعال فتنة طائفية» بين مكونات محافظة نينوى (شمال العراق) بعد طرد «داعش» من الموصل.


وقال النائب عبد الله في تصريح صحافي امس إن «تخوف المالكي خلال لقائه السفير الأميركي في العراق دوغلاس سليمان يراد منه اللعب على وتر الطائفية»، مبيناً ان «ما حدث في الموصل قبل عامين يتحمله المالكي الذي زرع الفتنة الطائفية أثناء فترة حكمه وسلم الموصل وباقي المناطق لتنظيم داعش«. وأضاف النائب الكردي عضو لجنة الامن والدفاع النيابية أن «الحديث عن قلق المالكي على مكونات نينوى يراد منه خلط الاوراق بين مكونات وابناء نينوى وهو عزف على الوتر الطائفي الذي يمهد له لاشعال حرب طائفية بين مكونات المحافظة»، مشيرا الى ان «المالكي وجيشه الفاسد هو من أوصل البلاد إلى ما يعانون منه الان«.


وتابع عبد الله ان «المالكي اعتمد على شخصيات ومولها للعمل ضد مصالح وسكان نينوى، وبات ابناء المحافظة ومن جميع المكونات يعرفون من وقف معهم ومن سلمهم إلى داعش»، لافتا الى أن «المالكي من خلال تصريحاته هذه يمهد للعودة لسدة الحكم في الفترة المقبلة«.


واكد عضو الحزب الديموقراطي الكردستاني ان «رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني وقف مع جميع مكونات نينوى وساعد على تحرير مناطقهم من دنس داعش ولم يجبر يوما مكونات المحافظة على اي قرار»، لافتا الى ان «ابناء نينوى المتمثلة بالادارة ومجلسها هم اصحاب اي قرار يتخذونه ويرونه لصالح المحافظة«.


وكان رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي ابلغ اول أمس السفير الأميركي في بغداد دوغلاس الن سليمان قلقه من الصراع على الموصل و»تمدد» مسعود بارزاني، محذرا من «طرد» الأقليات في المحافظة وفق سياسات «عنصرية».


ومع تصعيد المالكي الموقف سياسياً مع الاكراد ينسجم موقف ميليشيا الحشد معه خصوصا ان اغلب الميليشيات المنضوية في هيئة الحشد الشعبي ترتبط بالمالكي كونها اذرعاً مسلحة لتنظيمات سياسية منضوية في ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه نوري المالكي اذ طالب كريم النوري المتحدث باسم الحشد الشعبي قوات البيشمركة الكردية «بعدم التدخل بمعركة تحرير محافظة نينوى من سيطرة تنظيم داعش«.


وأضاف النوري في تصريح صحافي أن «الجيش العراقي لا يستطيع حسم أي معركة بدون مشاركة الحشد الشعبي»، مؤكدا أن «الحشد الشعبي سيفاجئ تنظيم داعش بالتقدم من عدة محاور«.


واوضح المتحدث باسم الحشد الشعبي «نطلب من الاكراد وقوات البيشمركة أن يحافظوا على حدود إقليم كردستان ولا يدخلوا الموصل فنحن نحرر الأرض دون حاجتنا اليهم وعليهم أن يحموا الإقليم وحدود الإقليم، وننصحهم بعدم التقرب إلى الموصل وترسيم الحدود بالدم أمر ليس صحيحا»، مشيرا الى ان العلاقة الجيدة من الاكراد« لا تعني التفريط بوحدات الموصل الإدارية كما لا يمكن للموصل أن تنضم إلى اقليم كردستان، وننصح الاكراد والحزب الديموقراطي الكردستاني أن ينتبهوا بأن التقرب من الموصل يعني اللعب بالنار«.


في المقابل، رد كمال كركوكي المتحدث باسم محور غرب كركوك في قوات البيشمركة الكردية على تهديدات الحشد الشعبي عندما اكد ان «تهديدات المتحدث بإسم الحشد الشعبي لا تهمنا«.


وقال كركوكي في تصريح صحافي بأن «تهديدات الحشد الشعبي من ان اقتراب البيشمركة من الموصل يعد لعباً بالنار، ليست لها اي اهمية لدينا«.


وأضاف كركوكي ان «قيادة اقليم كردستان ستقرر المشاركة وتم تشكيل لجنة مختصة بهذا الأمر من الجانبين السياسي والعسكري، ويشارك في اللجنة ممثلو الولايات المتحدة وكردستان وحكومة العراق»، موضحا ان اقليم كردستان «يعرف حدوده ولن نستأذن أحدا سنحرر كل شبر من ارض كردستان«.


ويدور خلاف بشأن مشاركة البيشمركة والحشد الشعبي في معركة تحرير الموصل من تنظيم «داعش« اذ يرفض العرب السنة والاكراد مشاركة ميليشيا الحشد الشيعية فيما يرفض الشيعة اشراك البيشمركة الكردية بالمعركة المرتقبة.



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024